pregnancy

ماذا تعرف عن الحاج امين الحسيني الذي اتهمه نتاياهو بالوقوف خلف المحرقة ضد اليهود

يعتبر الحاج أمين الحسيني أشهر من تولى منصب الإفتاء في فلسطين، وكان رئيسا للمجلس الأعلى الإسلامي، ورئيسا للعلماء، وقد لعب دورا هاما في الصراع العربي الإسرائيلي.

هو الحاج محمد أمين بن الشيخ طاهر الحسيني، ولد في القدس عام 1895. 





كان مفتى فلسطين بين عامي (1921-1948)، ورئيسا للمجلس الأعلى الإسلامي (1922-1937)، وهو ابن لأسرة ميسورة، عرف عن والده اهتمامه بالتعليم، فقد تلقى تعليمه بداية في القدس، وتلقى تعليمه الخاص على يد عدد من العلماء والأدباء، كما التحق بكلية الفرير في القدس لتعلم اللغة الفرنسية، ثم التحق بالجامع الأزهر في القاهرة، وأدى خلال فترة دراسته فريضة الحج، فلازمته صفة "الحاج" طوال حياته.

كان لدراسته في مصر انعكاسا بالغا على اهتماماته السياسية، لما نسجه من علاقات مع قادة الحركة الوطنية في مصر آنذاك، فقرر الالتحاق في عام 1915 بالكلية الحربية باسطنبول، وتخرج منها ضابطا.

التحق الحاج أمين الحسيني بصفوف الجيش العثماني لفترة وجيزة، ثم انتقل للعمل سرا منضما إلى الثورة العربية الكبرى، من خلال لواء القدس والخليل، ثم انضم إلى جيش الشريف حسين بن علي، سعيا الى تحقيق حلم إقامة دولة عربية مستقلة إبان الحرب العالمية الأولى. في أعقاب صدور وعد بلفور عام 1917 قرر الحاج أمين الحسيني العودة إلى القدس، لخوض الكفاح والنضال ضد وجود اليهود والبريطانيين في فلسطين.

فقام ببناء أول منظمة سياسية في تاريخ فلسطين الحديث، والتي عرفت باسم "النادي العربي"، الذي كانت من ابرز مهامه تنظيم مظاهرات في القدس خلال عامي (1918-1919) وعقد في تلك الفترة المؤتمر العربي الفلسطيني الأول.

جرى اعتقاله عام 1920، إلا انه تمكن من الهرب إلى الكرك جنوب الأردن، ومنها إلى دمشق، فصدر بحقه حكم غيابي بالسجن لـ 15 عاما، إلا أن السلطات ما لبثت أن أسقطت الحكم في محاولة تهدف الى المساهمة في تهدئة الغضب الشعبي في أعقاب حل الإدارة المدنية برئاسة هربرت صموئيل، وعاد الحاج للقدس مرة أخرى.

انتخب الحاج أمين لمنصب مفتي القدس بعد أن توفي كامل الحسيني المفتي السابق، فأنشـأ "المجلس الإسلامي الأعلى"، للإشراف على مصالح المسلمين في فلسطين، وعقد في حينه مؤتمرا صحفيا موسعا بحضور مندوبين من مختلف الدول العربية والإسلامية، اصدر خلاله فتوى تحرم بيع الأراضي الفلسطينية لليهود، وبموجبها اعتبر سماسرة الأراضي الضالعين بصفقات بيع أراض لليهود خارجين عن الدين الإسلامي، ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين. وقام في تلك الأثناء بشراء الأراضي المهددة بالمصادرة من قبل سلطات الانتداب البريطانية، وضمها للأوقاف الإسلامية.

كان الحاج أمين الحسيني داعما للجهود السياسية لحل القضية الفلسطينية، ورافق نشاطه السري قيامه بتشكيل خلايا عسكرية، كمقدمة لتأسيس "جيش الجهاد المقدس".

جرى اختيار الحاج الحسيني رئيسا لـ "الهيئة العربية العليا لفلسطين"، في أعقاب استشهاد عز الدين القسام عام 1935.

ورفض، بشكل قاطع، قرار تقسيم فلسطين بين العرب اليهود الذي جرى طرحه عام 1936، وتصدى له بقوة واختار الحرم القدسي الشريف مقرا له، وبالتالي لم تتمكن السلطات البريطانية من اعتقاله.

اصدر المندوب السامي البريطاني قرارا، بإقالة المفتى أمين الحسيني من منصبه، باعتباره طرفا مباشرا ومسئولا عن العمليات "الإرهابية" التي نفذت بحق الجنود البريطانيين، وعلى رأسها اغتيال حاكم اللواء الشمالي اندروز.

فأصبح مطاردا، وأضطر للتوجه الى مدينة يافا، ثم عبر البحر إلى لبنان.

باشر ممارسة نشاطاته السياسية، متنقلا بين العديد من العواصم العربية والغربية، التي سعى بعضها إلى محاكمته كمجرم حرب وكأحد مؤيدي النازية.

وبالتالي ضيق الخناق عليه، فهرب إلى مصر ليقود الهيئة العربية العليا من جديد، لتعزيز جيش الجهاد المقدس.

في أعقاب نكبة عام 1948، أوعزت الحكومة البريطانية للملك فاروق، بإصدار قرار يقضي بفرض الإقامة الجبرية عليه، واستمر هذا الحال إلى أن اندلعت ثورة مصر عام 1952، وهاجر عام 1959، إلى بيروت لاستئناف نشاطه السياسي من خلال رئاسته "الهيئة العربية العليا لفلسطين"، وأصدر مجلة "فلسطين" من بيروت، وظل هناك حتى توفي عام 1975، ودفن في مقابر الشهداء عن عمر يناهز 79 عاما.

قام الحاج أمين الحسيني بتوجيه العديد من الرسائل من ألمانيا، التي تضمنت مطالب عادلة، دعت الى الاعتراف الرسمي من جانب دول المحور باستقلال كل من مصر والسعودية والعراق واليمن، والاعتراف بحق البلدان العربية الخاضعة للانتداب، ألا وهي سوريا ولبنان وفلسطين والأردن بالاستقلال.

وكان الحاج أمين الحسيني قد عقد لقاءا مع أدولف هتلر عام 1941، طرح فيه العديد من المطالب الداعية الى الاعتراف بحق العرب في إلغاء الوطن القومي اليهودي، وعدم الاعتراف بالوطن القومي اليهودي على أرض فلسطين.

وكانت رسالة المفتي السابقة على وصوله لألمانيا تتضمن المطالب الآتية:


  •     الاعتراف الرسمي من جانب دول المحور باستقلال كل من: مصر، السعودية، العراق، اليمن.
  •     الاعتراف بحق البلدان العربية الخاضعة للانتداب: سورية، لبنان، فلسطين والأردن بالاستقلال.
  •     الاعتراف بحق البلدان الخاضعة للاحتلال الإنجليزي بالاستقلال: السودان، البحرين، الكويت، عمان، قطر، حضرموت، إمارات الخليج العربي.
  •     إعادة عدن وبقية الأجزاء المنفصلة عن اليمن، والتي يستعمرها الإنجليز.
  •     الإعلان من قبل دول المحور أنها لا تطمع في مصر والسودان.
  •     الاعتراف بحق العرب في إلغاء الوطن القومي اليهودي وعدم الاعتراف به.
    وفي لقاء مع هتلر في عام 1941م، رد هتلر أن هذه المطالب سابقة لأوانها، وأنه عند هزيمته لقوات الحلفاء في هذه المناطق يأتي وقت مثل هذا الإعلان، ثم كانت المفأجاة عندما عرض أمين الحسيني في لقائه الثاني تكوين جيش عربي إسلامي من المتطوعين في الشمال الأفريقي وشرق المتوسط لمقاومة الحلفاء، فكان رد هتلر "إنني لا أخشى الشيوعية الدولية، ولا أخشى الإمبريالية الأمريكية البريطانية الصهيونية، ولكن أخشى أكثر من ذلك كله هذا الإسلام السياسي الدولي، ومن ثَم بدأ الرجل يضع قواعد للاستفادة من الوضع الراهن، فبدأ يستفيد من وجوده بالأوجه الآتية.


  •     فتح أبواب الكليات العسكرية الألمانية لتدريب الشباب العربي والفلسطيني بما يُعَدُّ نواه لجيش الجهاد المقدس في طوره الثاني.
  •     العمل على استصدار بيان من قيادة المحور يضمن الاستقلال لأكبر عدد من الدول العربية بعد انتصار المحور على الحلفاء في هذه البلاد.
  •     العمل على الحصول على أكبر كمية من الأسلحة وتخزينها، استعداداً لمرحلة قادمة، وقد قام بالفعل بتخزين السلاح في مصر وليبيا وجزيرة رودس. نجح في تكوين معهد لإعداد الدعاة في ألمانيا، وقام بإقناع القيادة الألمانية في وضع داعية في كل الفرق العسكرية التي بها مسلمون، وفي نفس الوقت دفع بعض الشباب المسلم العربي بها على الاشتراك في الجيش لتدريب على كافة الأعمال القتالية.
  •     نجح في وقف الأعمال الإرهابية ضد البوسنة (البوشناق) من جانب الصرب، ونجح في إقناع القيادة الألمانية بتشكيل جيش بوسني لمنع تكرار هذه المذابح، وتم بالفعل تكوين جيش من 100 ألف بوسني، ولكن تم تسريحه بعد انتهاء الحرب.
مطاردة من جديد

استطاع المفتي الهروب من ألمانيا في اللحظات الأخيرة قبل سقوط برلين، وتم القبض عليه في فرنسا، وقضى يومين في زنزانة مظلمة، ولكنه تقدم للضابط المسئول وعرَّفه بنفسه ومكانته، وطالب أن يعامل بالشكل اللائق، وبالفعل انتقل لمنزل جنوب باريس، وعندما أعلن عن وجوده في فرنسا، بدأت المطاردة له من السلطات البريطانية والأمريكية، والصهيونية داخل فرنسا، ورفضت فرنسا أن تسلِّمه بسبب خلافها مع المصالح البريطانية والأمريكية، وحرصًا على عدم استثارة المشاعر الإسلامية، وتدخل ملك المغرب ورئيس تونس أثناء وجودهما في باريس، وطالَبَا باصطحاب المفتي معهما، وتدخلت الجامعة العربية، ورئيس باكستان محمد علي جناح، من أجل سلامة المفتي، ورفضت فرنسا، وبدأت المقايضة الأمريكية مع مشروعات إعادة إعمار فرنسا بتمويل أمريكي، وقبل أن تقرر فرنسا تسليمه لأمريكا استطاع أن يهرب المفتي من فرنسا عن طريق استخدام جواز سفر لأحد أنصاره في أوروبا، وهو الدكتور معروف الدواليبي بعد استبدال الصورة. ونجح المفتي في الوصول إلى القاهرة عام 1947م، ويظل متخفيًا بها عدة أسابيع حتى استطاع أن يحصل على ضيافة رسمية من القصر الملكي تحميه من المطاردة الدولية لشخصه.

ويبدأ الحاج أمين الحسيني في تنظيم صفوف المجاهدين من القاهرة، وتدخل القضية الفلسطينية طورها الحرج، وتعلن الأمم المتحدة مشروع تقسيم فلسطين، وتعلن دولة إسرائيل، ويرأس المفتي الهيئة العربية العليا لفلسطين، وتبدأ الحرب، وتبدأ المؤامرات والخيانات، وتقوم بعض الدول العربية بمنع المجاهدين من الاستمرار في مقاومة العصابات الصهيونية، وذلك بحجة أن جيوشهم سوف تقوم بهذه المهمة، ثم يبدأ مسلسل الخيانات لاستكمال المؤامرة، وتنتهي الحرب بهزيمة الجيوش الدول العربية، ويتم حمل المفتي من خلال موقعه كرئيس للهيئة العربية العليا على أن يصدر أمرًا للمجاهدين الفلسطينيين بوضع السلاح، وما إن يتخلص المفتي من بعض القيود حتى يسرع لعقد المؤتمر الفلسطيني في القدس ليعلن استقلال فلسطين وقيام حكومتها، ولكن مصر تعتقل المفتي وحكومة عموم فلسطين وتحدد إقامتهم في القاهرة، ومع قيام الثورة، يبدأ المفتي في تنظيم الأعمال الفدائية على كافة الجبهات، وتستمر العمليات حتى عام 1957م. وفي نفس الوقت ينشط في الجانب السياسي على مستوى الدول العربية والإسلامية، وبعض من الدول الآسيوية؛ وذلك لتأييد الحق الفلسطيني في وطنه، ودعم الجهاد المسلح في مواجهة العدو الإسرائيلي، ويمثل فلسطين في تأسيس حركة عدم الانحياز عام 1955م في مؤتمر باندونج، ولكن تدريجيًّا يتم تقييد حركته السياسية ووقف العمل الفدائي من عام 1957م على معظم الجبهات، وتظهر بشائر مؤامرة جديدة، ومحاولة لإنهاء القضية في خطوات سلمية، وتظهر خطة التسوية مع أعوام 1959م، 1960م والمعروفة بخطة همر شولد، وهي الخطة التي وافقت عليها دولة المواجهة العربية مقابل ثلاثة مليارات من الدولارات، وينتقل الحاج أمين الحسيني إلى بيروت عام 1961م، وينقل إليها مقر الهيئة العربية العليا، ويفضح الرجل خطوط المؤامرة، وتفشل الخطة.

وتبدأ خطة عربية بإنشاء كيان بديل للهيئة العربية العليا، وتبدأ بإصدار قرار من جامعة الدول العربية بإنشاء كيان فلسطيني عام 1963م، وينشأ الكيان تحت رعاية مصر باسم منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م، ويعين رئيساً له أحمد الشقيري الذي يخضع للتوجهات العربية، وبعد نكسة عام 1967م، يبدأ الرجل من جديد نشاطه من أجل القضية، موضحاً موقفه الثابت أن القضية لن يتم حلها إلا بالجهاد المسلح، ويستمر الرجل في نضاله حتى تُفضي روحه إلى بارئها عام 1974م شاهدة على عصر الخيانات الكثيرة والتضحيات الكبيرة، ولم يجرؤ أحد من القادة الفلسطينيين أن يدعو إلى حل سياسي إلا بعد اختفاء روح المقاتل محمد أمين الحسيني من ساحة القضية الفلسطينية.

فرضت على الحاج أمين الحسيني الإقامة الجبرية بعد النكبة ، فهاجر إلى سوريا و منها إلى لبنان ، حيث مكث فيها حتى وفاته.

توفي الحسيني عام 1974 ببيروت ، و شيع بجنازة رسمية حضرها ياسر عرفات ، و دفن في مقبرة الشهداء.


شكرا لتعليقك